شهادات – علاء الدين الجزولي

صُورَةُ القَبيلة

علاء الدين الجزولي

لم يحدث من قبل أن اجتَمَع التشكيليُّون، وبمثل هذا الود وذلك الظُرف ومثل هذا الحبور، وكما لم يحدُث، ومنذ البدايات الأولى لحركتنا التشكيلية المعاصرة، أن نقتني نحن التشكيليون مثل هذه الصورة الفريدة النادرة – التي تفتقر لها وثائقنا وألبوماتنا الخاصة – والجامعة لمختلف أجيال التشكيليين، لو لا زيارة (ضوَّ القبيلة) الفنان الكبير إبراهيم الصلحي، ولو لا تلك المشاعر الفيَّاضة، وذلك الودّ الغامر الذي يكنُّه له التشكيليون السودانيون، الذين لبُّوا تلك الدعوة الكريمة من الفنان التشكيلي عصام عبد الحفيظ، وزوجته الفنانة التشكيلية إيزيس النور، لتناول طعام الإفطار بمنزلهم العامر – ببحري – في ضُحى يومٍ جميلٍ وجمعةٍ لا تنسى؛ حللنا فيها جميعاً -كما ترون في الصورة – ضيوفاً عليهما وعلى شرف (الصلحي) المُحتَفى به وبمعرضه، وبقدومه للسودان بعد غيبةٍ طويلة. في الواقع، لقد هيَّأ لنا المضيفان (لَمَّةً) نادرةً، وأعدُّوا لنا –في هذا الزمن العصيب– وليمةً فاخرة، لا تُنسى ذكرى مناسبتها ما بقيت هذه الصورة التي تنضح بالحميمية، وما حيينا لن ننسى مغزاها ومعناها الكبير بالنسبة لنا نحن (قبيلة) التشكيليين السودانيين؛ فهي تشهد بإمكانية اجتماع هذا الجمع التشكيلي الكريم، وتعني – في نظري – الكثير؛ إذ تُؤرِّخ، بالابتسامات وبمشاعر الودّ، لبدايةٍ يسودها الاحترام المتبادل، ولإمكانية تواجد التشكيليين وتعاونهم من أجل خدمة مصالحهم الحيويَّة، ومن أجل خدمة مجتمعنا الذي نجده في هذه السنوات –وأكثر من أيِّ وقتٍ مضى– في أمسّ الحاجة لفاعليتهم ولإسهاماتهم. لقد ظل جمع التشكيليين مُشتتاً ولسنواتٍ طوال، وكما ظلت طاقاتهم مُهدَرة في شتاتين؛ شتاتٌ في الخارج، وشتاتٌ في الداخل، وهذا رغم أن وحدتهم في سابق أوانهم، والممثلة في اتحادهم (اتحاد الفنون الجميلة السوداني)، تُعتَبر سَبَّاقة وأول وحدةٍ لاتحاد مهني قام في السودان، قبل المحامين والأطباء والمهندسين.. إلخ، من حيث التأسيس والنشأة ومن حيث الرؤية المُبَكِّرة. وبالرغم من حيوية حركتنا التشكيلية المبكرة، وبالرغم من أن الخبرة التشكيلية السودانية وعلى مدى سنواتٍ طول كانت هي الأكثر إنتاجاً، والأكثر ضَخَّاً لأنفاس الحياة المُفعمة بالجمال، والأكثر جدارةً في تمثيل الثقافة السودانية المعاصرة وعلى المستوى العالمي. 

فعلى العموم شكراً لعصام ولإيزيس اللذان أتاحا لنا، بأريحيتهما وبكرمهما –في جوٍّ من الود والظرف- إمكانيةَ لمّ الشمل وجمع الشتات الداخلي. وعقبال لمّ الشتات الخارجي ولم الشتاتين معاً في جوٍّ صحوٍ مثل جوِّ ذلك الضحى الجميل، وتلك الجمعة التي لا تنسى. وشكراً لإبراهيم الصلحي الذي تأكَّد لنا، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنه الملك التشكيليّ الصالح الذي يحبّه الجميع، والذي التفَّت حوله كل قبائل التشكيل السودانية، خضر وحمر وبيض وسود وصفر -كما ترون في الصورة- وبمختلف اتجاهاتهم وتوجهاتهم والذين أتوا لهذا الاجتماع –وللمرة الأولى– لا بخلافاتهم ومماحكاتهم، ولكن بلوحاتهم التي أقاموا بها مَعرَضاً على هامش عصيدة اللقمة والشَيَّة الحارة وأُم فتفت وعصير الشربوت. 

نأمل أن تكون تلك الجمعة الرائعة وهذه الصورة النادرة، بداية حقيقية للمّ الشمل ونهاية إهدار الطاقات الخلاَّقة التي يتمتع بها التشكيليون السودانيون. أنظروا معي للصورة –مرة أخرى– وتأمّلوا جيداً مغزى تلك الابتسامات الودودة المتفائلة، التي تبشِّر بالخير، وتمنّوا معي أن نرى قريباً صورةً مثلها، تضمّ أيضاً، عثمان وقيع الله وتاج السر أحمد ومحمد أحمد شبرين وعبد الله الجنيد وعبد الرازق وعلي أحمد وعامر نور وكمالا إبراهيم إسحق وحسين جمعان وحسين شريف وعبد الله بولا ومحمد عامر بشارة وحسن محمد موسى ومحمد حامد شداد وخلف الله عبود والنور محمد حمد وكِنديو وطُب طُب ونائلة الطيب وكوثر إبراهيم وحسان علي أحمد ومحمود عمر ويحيى الباشا وعبد الله محمد الطيب والباقر موسى والدرديري محمد عثمان وصلاح وديدي وسيف الدين اللعوتة وفتح الرحمن باردوس ومبارك بلال وبكري بلال وصديق شميلا وأحمد المرضي وصلاح سليمان وأحمد عامر جابر ومحمد عبد الرحمن وصديق بابكر وود أبو وسيف بادي وكمان موسى قسم السيد (جحا) وحسن البطل وكثيرين آخرين لا تكتمل الصورة بدونهم. 

علاء الدين الجزولي
امدرمان، السودان في نوفمبر 2000

ناقد تشكيلي ورسام/ مقيم بالسودان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top